الجمعة، ٢٠ يناير : القدّيس بِرنَردُس
أيّها الإخوة، تعرفون مَن الآتي؛ فتأمّلوا الآن من أين يأتي وإلى أين يذهب. لقد أتى من قلب الله الآب إلى أحشاء عذراءٍ أم. يأتي من أعالي السماوات إلى أرجاء الأرض السفلى. ماذا إذًا؟ أما يجب علينا العيش على هذه الأرض؟ بلى، إن يسكنها هو نفسه؛ لأنّه كيف نكون نحن بخير من دونه؟ ” مَن لي في السَّماء؟ ومعكَ على الأرضِ لا أَهْوى شيئاً. فَفِيَ جَسَدي وقَلْبي: ألله لِلأبَدِ صَخرَة قَلْبي ونَصيبي.” (مز73[72]: 25 – 26)… إنّما ينبغي أن تكون هناك منفعةٌ كبرى ما قد جعلت ذو العظمة الرفيعة المقام يتكرّم ويتنازل من علياه ليحلّ في مقام لا يليق به. أجل، لقد كانت هناك منفعة كبرى في ذلك، بما أنّ الرَّحمة والطيبة والمحبّة قد ظهرت ظهورًا وافرًا وشاملاً. ففي الواقع، لماذا أتى الرّب يسوع المسيح؟… إن كلامه وأعماله تبيّنه لنا بوضوح: لقد خفّ من الجبال مسرعًا ليبحث عن الخروف المئة، الذي كان ضالاً، وليفجّر ينبوع رحمته تجاه أبناء البشر. لقد أتى لأجلنا. عجيبٌ تنازل الله الذي يبحث عن الإنسان! وعجيبٌ استحقاق الإنسان الذي يبحث الله عنه! هكذا بوسع الإنسان أن يتباهى بذلك من دون جنون: لا لأنّه يمثّل شيئًا ما بذاته، بل لأنّ الذي جبله أكرمه إكرامًا رفيعًا! قياسًا بهذا التمجيد، يغدو غنى العالم ومجده وكلّ ما نطمح إليه لا شيء. ما هو الإنسان، يا ربّ، حتّى ترفعه هكذا ويتعلّق به قلبك؟ كان علينا نحن أن نذهب نحو الرّب يسوع المسيح… إلاّ أنّ حاجزًا مزدوجًا كان يعترضنا: الأوّل هو أنّ عيوننا كانت عليلة وثانيًا أنّ الله “مَسكِنُه نَورٌ لا يُقتَرَبُ مِنه وهو الَّذي لم يَرَه إِنسان ولا يَستَطيعُ أَن يَراه” (1تم 6: 16). كنّا مُقعدين ومضجعين على فراشنا، عاجزين عن إدراك مسكن الله العالي. لذلك، نزل من علياه المخلّص الكثير الصلاح وشافي النفوس الوديع. لقد لطّف بريق نوره من أجل عيوننا العليلة.
maronite readings – rosary.team