الجمعة، ٢٩ نوفمبر : القدّيس يوحنّا بولس الثاني
“… أَنَّ الرَّبَّ يسوع في اللَّيلَةِ الَّتي أسلِمَ فيها” (1 كور 11: 23)، أسَّس ذبيحة جسده ودمه الإفخارستيّة… لقد تسلّمت الكنيسة الإفخارستيا من المسيح ربّها، ليس كعطية، مع أنها من أثمن العطايا، بل كعطيّة بامتياز، لأنها عطيّة ذاته، عطيّةُ شخصه في إنسانيّته المقدَّسة، وعطيّة تدبيره الخلاصيّ. وتدبيره هذا لا يبقى محصوراً في الماضي، “لأن الرّب يسوع المسيح كلَّه بهويّته وبكلّ ما صنعه وكابده في سبيل الناس أجمعين يشترك في الأبديّة الإلهية ويُشرف هكذا على جميع الأزمان” (التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، العدد 1085) عندما تحتفل الكنيسة بالإفخارستيا، ذكرى موت ربّنا وقيامته، يُجعل حاضرًا بالحقيقة هذا الحدث الرئيسيُ للخلاص، وهكذا “يتمُّ عمل فدائنا” (نور الأمم 3). هذه الذبيحة هي بهذا القدر حاسمة من أجل خلاص الجنس البشريّ، حتى إن الرّب يسوع المسيح لم يُتمَها ولم ينطلق إلى الآب إلاّ بعد أن أمّن لنا سبيل الاشتراك فيها، وكأننا كنّا فيها حاضرين. كلُّ مؤمن يستطيع هكذا أن يشارك فيها ويتذوق ثمارها بطريقة لا ينضب معينها. ذلك هو الإيمان الذي أحيا الأجيال المسيحيّة على مرِّ القرون. وهذا هو الإيمان الذي ما فتئت السلطة التعليميّة في الكنيسة تذكّر به على الدوام، وهي تحمد الله بفرح على تلك العطيّة التي لا تقدّر بثمن. أريد مرّة أخرى أن أكرّر هذه الحقيقة، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، فيما أسجد معكم أمام هذا السرّ: سرّ عظيم، سرّ الرحمة. ما الذي كان يمكن أن يفعله الرّب يسوع أكثر من أجلنا؟ في الإفخارستيا، يُظهر لنا حبّاً يصلُ “إلى النهاية” (راجع يو 13: 1)، حبًّا لا يعرف مقدارًا.
maronite readings – rosary.team