الجمعة، ٤ نوفمبر : القدّيس بطرس خريزولوغُس
كان يوحنّا المعمدان يُعلِّم بالأقوال وبالأعمال. كمعلّمٍ حقيقي أظهر بمَثَلِهِ ما كان يُشدِّد عليه بكلامه. إنّ المعرفة تصنعُ المعلّم، لكنّ السلوك هو الذي يمنح السلطة… يشكّلُ التعليمُ بالأفعال القاعدة الوحيدة التي يتّبعها كلّ مَن يرغب في الإرشادِ والتوجيه. يُجسِّدُ التعليمُ بالأقوال المعرفة، ولكن متى تمتّ ترجمته في الأفعال يصبحُ حينئذٍ فضيلة. وتغدو المعرفة حقيقيّة وأصيلة متى انصهرت بالفضيلة: فهي وحدها ذات صفةٍ إلهيّة غير بشريّة. “في تِلكَ الأَيَّام، ظهَرَ يُوحنَّا المَعمَدان يُنادي في بَرِّيَّةِ اليَهودِيَّةِ فيقول: توبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّموات” (مت 3: 1-2). قالَ “توبوا”، فلمَ لم يقل “افرحوا وابتهجوا”؟ افرحوا وابتهجوا بالأحرى لأنَّ الحقائق البشريّة تُخلي مكانَها للحقائق الإلهيّة، وتلك الحقائق الأرضيّة تخلي مكانها للحقائق العلويّة، وما هو آنيٌّ لما هو خالد، والشرَّ للخير، والريبة للأمان، والحزنَ للفرح، والحقائقَ الفانية للحقائق الدائمة. توبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّموات”. فلتكُن إذاً مسيرةُ توبتكَ بيّنة. أعلِن توبتكَ، أنتَ الذي آثرتَ البشريّ على الإلهيّ، أنت الذي أردتَ أن تكون عبدًا للعالم لا متغلّبًا على هذا العالم مع ربّ العالم. أعلن توبتك، أنتَ الذي تخلّيتَ عن نعمةِ الحريّة التي أسبغتها عليك الفضائل لأنّك أردتَ أن ترزحَ تحت نير الخطيئة. أعلن توبتك حقًّا أنتَ الذي آثرتَ الوقوع أسيرًا في براثن الموت لأنّك جزعتَ من امتلاك الحياة وعيشها بملئها.
maronite readings – rosary.team