الجمعة، ٧ يناير : الطوباويّ شارل دو فوكو
يجب المرور في الصحراء والإقامة فيها لتلقّي نعمة الله؛ هنا نُفرِغُ ذواتنا، ونطرد عنّا كلّ ما هو غير الله ونفرغ تمامًا بيت نفسنا الصغير هذا لنترك المكان كلّه لله وحده. لقد مرّ العبرانيّون في الصحراء، وموسى عاش فيها قبل أن يتلقّى دعوته، كذلك القدّيس بولس والقدّيس يوحنّا فم الذهب استعدّا كذلك في الصحراء… إن هذا الوقت (أي فترة العبور في البرّية أو الصّحراء) هو وقت نعمة، ولا بدّ لكلّ نفس تريد أن تحمل ثمارًا من أن تمرّ في هذه الفترة. هذا الصمت، وهذا التأمّل، وهذا النسيان لكلّ الخَلقِ، هي أمورٌ ضروريّة للنفس، ينشئ الله في وسطها مُلكَهُ ويُكَوِّن فيها النفس الباطنيّة: الحياة الشخصيّة مع الله، حوار النفس مع الله في الإيمان، الرجاء والمحبّة. بعدها تنتج النفس ثمارًا على المقدار الذي يتكوّن فيها الإنسان الباطن على حسب قول القدّيس بولس في رسالته إلى أهل أفسس: “وأَسأَلُه أَن يَهَبَ لَكم، على مِقدارِ سَعَةِ مجْدِه، أَن تَشتَدُّوا بِروحِه، لِيَقْوى فيكمُ الإِنسانُ الباطِن” (أف 3: 16). نحن لا نقدّم سوى ما عندنا، ونعرف أنّه في البرّية، أي في العيش وحيدًا مع الله وحده، وفي هذا التأمّل العميق للنفس التي تنسى كلّ شيء لتحيا وحدها في اتّحاد مع الله، هنا فقط، يقدّم الله نفسه كاملاً إلى الإنسان الذي يقدّم ذاته كاملةً إليه. لذا، قدّموا أنفسكم بكليّتها إليه وحده… وهو سوف يقدّم نفسه بكليّته إليكم… تأمّلوا في القدّيس بولس، والقدّيس بندكتس، والقدّيس باتريك، والقدّيس غريغوريوس الكبير، وكثيرين غيرهم، أيّ وقت طويل أمضوه في التأمّل والصمت! عودوا في الزمن إلى الوراء أكثر: تأمّلوا في القدّيس يوحنّا المعمدان، تأمّلوا في ربّنا يسوع المسيح. إنّه وبالرغم من كونه لم يكن بحاجة إلى ذلك، لكنّه أراد أن يقدّم لنا المثال.
maronite readings – rosary.team