الجمعة، ٨ أكتوبر : القدّيس أوغسطينُس
نودّ أن نعرضَ بالشرح والتفسير لصحّةِ نصّين على حدٍّ سواء: نصّ سفر التكوين حيثُ كُتِبَ أنّ الله استراحَ في اليوم السابع من كلِّ عملِه الذي عملَهُ، والنصّ الإنجيليّ حيثُ قالَ الربُّ الذي به أنجزَت الأمورُ كلّها: “إنّ أبي ما يزالُ يعملُ، وأنا أعملُ أيضًا”… فُرضَت حرمةُ السبتِ على اليهود لكي تجسّدَ لهم الراحة الروحيّة التي وعدَ بها الله المؤمنين أصحابَ الأعمال الصالحة، وهي تلك الراحة التي أثبتَ الربُّ يسوع المسيح لغزها وسرَّها بدفنه لأنّه رقدَ واستراحَ في القبر يومَ السبتِ… بعد أن أتمَّ أعماله كلّها… يمكن أن نفكّرَ في أنّ الله استراحَ بعدَ أن خلقَ الكائنات على مختلفِ أنواعها لأنّه لم يعمل على خلق كائناتٍ أخرى بعد ذلك…، ولكن، لم يتوقّف الله حتّى في اليوم السابع عن حُكم السموات والأرض وكافّة الكائنات الأخرى التي خلقها، وإلاّ لكانت غرقت واضمحلّت في العدم؛ فإنّ قدرةَ الخالق وقوّةَ الكلّي القدرة هي السببُ في استمراريّةِ حياةِ كلِّ مخلوق… إنَّنا لا نستطيعُ أن نساويَ عملَ الله بعملِ المهندس الذي يصمّمُ البيتَ ثمّ يرحلُ بعد أن ينتهيَ من عمله، ويبقى البيتُ قائمًا، بل على العكس، فالعالمُ لا يستطيعُ الاستمرار والبقاء ولو لثانيةٍ واحدة إن تخلّى الله عن دعم هذا العالم… هذا ما قاله الرسول بولس عندما ذهبَ يبشّرُ أهلَ أثينا بالله: “ففيهِ حَياتُنا وحَرَكَتُنا وكِيانُنا” (أع 17: 28). في الواقع، لسنا في الله كجوهره الخاصّ، بالمعنى الذي يقالُ إنّ “فيه الحياة بجوهره”، ولكن بما أنّنا مختلفون في جوهرنا عنه، فلا نستطيع أن نكون فيه إلاّ لكونه يتصرّفُ على هذا النحو: إذ إِنَّ حكمته “تَمتَدُّ بِقوّةٍ مِن أَقْصى العالَمِ إِلى أَقصاه وتُدَبّر كُل شيء لِلفائِدَة.” (حك 8: 1). ها إنّنا نرى “جَميعَ ما صَنَعَه الله فاذا هو حَسَنٌ جِدًّا”. (تك1: 31)؛ وسوف نشهدُ على راحته بعد أن نتمّمَ أعمالنا الصالحة.
maronite readings – rosary.team