الجمعة، ٩ سبتمبر : القدّيس لاوُن الكبير
لن يفيدنا بشيء أن نقول إنّ ربّنا يسوع، ابن العذراء مريم، هو إنسان حقًّا إذا لم نكن نؤمن أنّه أصبح كذلك بالطريقة التي أعلنها الإنجيل المقدّس. عندما تكلّم القدّيس متّى عن “نَسَبِ يَسوعَ المسيح اِبنِ داودَ ابنِ إِبْراهيم” (مت 1: 1)، فإنّه رسم ذلك النسب منذ بدء الإنسانيّة جيلاً تلو جيل وصولاً إلى “يوسُف زَوجَ مَريمَ الَّتي وُلِدَ مِنها يسوع وهو الَّذي يُقالُ له المسيح” (مت 1: 16). أما القدّيس لوقا، فإنّه رسم النسب بصورة معاكسة بدءًا من الرّب يسوع المسيح وصولاً إلى بداية الجنس البشري، وبرهن بذلك أن آدم الجديد كما القديم هما من طبيعة بشريّة واحدة. لقد كان ممكنًا بالتأكيد لقدرة ابن الله اللامتناهية أن تظهر، بهدف تعليم البشر وتبريرهم، بنفس الطريقة التي ظهرت فيها للآباء والأنبياء تحت شكل بشري؛ مثلاً عندما صارعت يعقوب (تك 32: 25)، أو حينما تكلّم الله مع إبراهيم قابلاً ضيافته ومتناولاً الطعام الذي قدّمه إليه (تك 18). غير أنّ هذه الظهورات لم تكن سوى علامات وصور للإنسان تعلن حقيقته المستقاة من جذور أسلافه. غير أنّ سرّ خلاصنا، المُعَدّ منذ ما قبل الدهور ومنذ الأزل، لا يمكن لأيّ صورة أن تتمّه. فالرُّوح القدس لم يكن قد حلّ على العذراء وقدرة العلي لم تكن قد ظلّلتها (لو 1: 35). والحكمة لم تكن قد ابتنت لها بيتًا لكي يقيم ويتجسّد فيه كلمة الله، ولكي تتّحد طبيعة الله بطبيعة العبد في شخص واحد، ولكي يولد في الزمان خالق الزمان، ولكي يتجسّد بين الخلائق مَنْ به خُلق كلّ شيء. لو لم يتّخذ آدم الجديد جسدنا الخاطئ والقابل للفساد، ولو لم يتنازل هو، المتّحد جوهريًّا بطبيعة الآب، ويتّخذ طبيعة أمّه ويشابه طبيعتنا بكلّ شيء، ما خلا الخطيئة، فإنّ البشريّة كانت لا تزال ترزح سجينة إلى الآن تحت قبضة الشيطان، وكنّا لا نستطيع أن نفرح بالانتصار المظفّر للرّب يسوع المسيح لأنّ ذلك الانتصار كان سيحدث خارج إطار طبيعتنا. هكذا إذًا، فإنّ أنوار سرّ خلقنا الجديد تفيض علينا من خلال مشاركة الرّب يسوع المسيح الرائعة لنا في طبيعتنا.
maronite readings – rosary.team