الخميس، ٣٠ ديسمبر : جان تولير
حين كان يوسف هاربًا مع الطفل وأمّه، علم من الملاك أثناء نومه بأنّ هيرودس قد مات، ولكن حين سمع أنّ ابنه آرخيلاوس يحكم البلاد، بقي قلقًا للغاية من أن يقتل الطفل. هيرودوس الذي كان يلاحق الطفل ويودّ قتله يمثّل العالم الذي من دون أدنى شك يقتل الطفل، العالم الذي يجب الهروب منه بالضرورة إن أردنا أن ننقذ الطفل. لكن ما أن نهرب من العالم خارجيًّا… يقف آرخيلاوس ويحكم: ما زال هناك عالم بكامله في داخلك، عالم لن تستطيع التغلّب عليه من دون عناية الله ومعونته. فهناك ثلاثة أعداء أقوياء ولدودين يجب التغلّب عليهم في داخلك، ومن الصعب النجاح في ذلك. سيهاجمك كبرياء النّفس: تريد أن يراك الجميع ويقدّروك ويصغوا إليك. العدو الثاني هو جسدك الخاص الذي يهاجمك بعدم النقاوة الجسديّة والروحيّة. العدو الثالث هو الذي يهاجمك مستلهمًا من الشرّ، الأفكار المريرة والشكوك، الأحكام الحقودة، الكره والرغبات الإنتقاميّة. هل تريد أن تصبح عزيزًا أكثر فأكثر على قلب الله؟ عليك أن تتخلّى بالكامل عن هذا النهج لأنّ كلّ ذلك يمثّل آرخيلاوس الشرّير. احذر وكن متنبّهًا. في الحقيقة هو يريد أن يهلك الطفل. لقد حذّر الملاك يوسف واستدعاه إلى بلاد إسرائيل. اسرائيل تعني “أرض الرؤيا”. مصر تعني “الظلمات”… ففي وقت النوم، وفي الإستسلام الكلّي والحقيقي، ستتلقّى الدعوة للخروج من الظلمات كما حصل ليوسف… يمكنك حينئذٍ الذهاب إلى الجليل، التي تعني “عبور”. ها نحن قد عبرنا فوق كلّ شيء، ووصلنا إلى الناصرة التي تعني “الإزهار الحقيقيّ”، البلد الذي تزهر فيه ورود الحياة الأبديّة. هنا نحن متأكّدون من أنّنا نتذوّق طعم الحياة الأبديّة؛ هنا أمن كامل وسلام لا يمكن التعبير عنهما بالكلمات، فرح وراحة؛ إلى هنا لا يصل إلاّ المستسلمين، أولئك الذين يخضعون لله حتّى يحرّرهم والذين لا يحاولون أن يتحرّروا من تلقاء ذاتهم بالعنف. ها هم الذين يبلغون هذا السلام وهذا الإزهار في الناصرة، والذين يجدون فيها ما يحقّق سعادتهم الأبديّة. ليكن هذا هدفنا جميعًا وليساعدنا في ذلك إلهنا المستحقّ كلّ محبّة!
maronite readings – rosary.team