الخميس، ٩ سبتمبر : المجمع الفاتيكانيّ الثاني
إنَّ الله الذي يَخلُقُ كلَّ شيء بالكلمة (راجع يو 1: 3) ويحفظُهُ، يُعطي البشرَ شهادةً دائمةً عن ذاته في الخليقة (راجع رو 1: 19-20). علاوةً على ذلك فإنَّه مُنذ البدء أَظْهَرَ ذاتَه لأبوينا الأولَين، إذ أراد أن يفتحَ لهما طريق الخلاصِ العُلوي. فبَعدَ أن سقطا ووعدَهما بالفداء، أقامَهما على رجاءِ الخلاص (راجع تك 3: 15) وأحاط الجنسَ البشريَّ بعنايةٍ مستمرَّةٍ، ليَهَبَ الحياةَ الأبديةَ لكلِّ مَن بالصبرِ على العمل الصالح، يَطلُبُ الخلاص (راجع رو 2: 6-7). وفي حينه، دعا إبراهيمَ ليجعل مِنه أُمَّةً عظيمةً (راجع تك12: 2). علَّمَها بواسطةِ الآباء، ومن بعدهم بواسطةِ موسى والأنبياءِ، أن تعرفَهُ هو الإلهُ الوحيدُ الحيُّ والحقيقيُّ، الآبُ المُدبِّرُ والقاضي العادل، وأن تنتظرَ مجيءَ المُخلِّصِ الموعودِ به. وعلى هذا المنوال مهَّدَ اللهُ الطريقَ للإنجيلِ مدى الأجيال. إنَّ الله، بعد أن تكلَّم تكرارًا وبطرقٍ مختلفة بالأنبياء “كلَّمَنا في هذه الأيّام الأخيرة بالابن” (عب1: 2). فلقد أرسل ابنه، الكلمةَ الأزلي الذي يُنيرُ كلَّ إنسان ليقيمَ بين البشرِ ويُخبرهم عن خفيّاتِ الله (راجع يو1: 1-18). ويسوعُ المسيحُ، الكلمةُ المتجسِّدُ والإنسانُ المُرسَل إلى الناس، تكلَّمَ إذاً بكلامِ الله (راجع يو 3: 34)، وتمَّمَ العملَ الخلاصيَّ الذي أعطاهُ إيّاه الآب ليعمله (راجع يو 5: 36؛ 17: 4). وعليه فهو الذي – إن رآه أحدٌ فقد رأى الآب (راجع يو 14: 9) بحضورِهِ الذاتيّ الكامل وبظهورِهِ، وبأعمالِهِ وأقوالِهِ، وبآياتِهِ ومعجزاتِهِ، وخاصّةً بموتِهِ وقيامتِهِ المجيدة من بين الأموات، وأخيرًا بإرساله روحَ الحقِّ، يُتمِّمُ الوحيَ ويُكمِّله ويثبّته، إذ يَشهَدُ شهادةَ الإلهِ أنَّ الله معنا لينشلنا من ظلمات الخطيئة والموتِ ويُقيمنا للحياة الأبديّة. وبالتالي فإنَّ التدبيرَ المسيحيَّ الذي هو العهدُ الجديدُ والنهائي لن يزولَ أبدًا، ولن يُرجى أيُّ وحيٍ جديدٍ عَلَنيٍّ قبل الظهورِ المجيدِ لربّنا يسوع المسيح (راجع 1تم 6: 14 + تيط 2: 13).
maronite readings – rosary.team