السبت، ١٢ أكتوبر : بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
إن المفاهيم الجديدة الحقيقية الّتي يقدّمها العهد الجديد لا تكمن في الأفكارِ الجديدةِ، إنّما تكمن في شخص الرّب يسوع المسيح نفسه، فهو مَن يُجسِّد تلك المفاهيم بواقعيةٍ لم يسبق لها مثيل. حتى في العهد القديمِ، لم تكمن الأمور البيبليّة الجديدة في مجرّد أفكارٍ مُجرّدةِ لكن في عملِ الله المتجدِّد والذي لم يسبق له مثيل. يتخذ هذا العملُ الإلهيُّ شكلَه الأسمى في الرّب يسوع المسيح: فها هو الله نفسه من يبحثُ عن “الخِروف الضائع”، أي الإنسانية المتألمة والتائهة. لقد تكلّم الرّب يسوع في أمثالِه عنْ الراعي الذي يَذْهبُ في البحث عن الخروفِ الضائع، وعن المرأةِ التي تبْحثُ عن الدرهم المفقود، كما عن الآبِ الذي يَذْهبُ للقاء ومعانقةِ ابنه الضال، هذه ليست مجرَّد كلماتٍ: بل تشكّل تفسيراً لكيانِ المسيحِ ولما يعمل. في موته على الصليبِ تتحقق ذروةُ ذلك المُنعطف الذي به يذهب الله ضدّ نفسهِ، وبهِ يُعطي نفسَهُ لكي يَرْفعَ الإنسان ويُخلّصه ـ إنهُ الحبُّ في شكلِه الأكثر جذريّة. إن من يتأمَّلُ جنب المسيح المطعون، الذي يتحدَّث عنهُ يوحنا (راجع يو 19: 37)، يُدرِكُ النقطةَ التي بدأنا منها هذه الرسالة: “الله محبّة” (1يو 4: 8). هنا يمكننا أن نتأمَّلَ هذه الحقيقة. ومِنْ هنا يمكننا تعريف ماهيّة الحبِّ. انطلاقاً من هذا التأملِ، يَكتشفُ المسيحيُّ طريقَ حياتِه وحبِّه. لقد جعلَ الرّب يسوع فعلَ تقدمتهِ هذا حاضراً بشكلٍ دائمٍ بتأسيسهِ الإفخارستيا خلال العشاء الأخيرِ. فقد استبقَ موتَه وقيامته بإعْطاء ذاته لتلاميذه، في الخبزِ والخمر… إن الإفخارستيا تجذبنا إلى فعلِ تقدمة الرّب يسوع لذاته… إنَّ الطابع الباطنيّ لسرّ الإفخارستيا… يسمو بنا أعظم جداً مِنْ أيّ جهدٍ باطنيّ آخر يُمْكِنُ أَنْ يُنجزه الإنسان بنفسهِ.
maronite readings – rosary.team