السبت، ١٢ مارس : الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن
إنّ الأرض التي نراها لا تُرضينا. إنّها مجرّد بداية؛ إنّها مجرّد وعد بالحياة الأخرى. حتّى في غمرة فرح الأرض الكبير، عندما تكسوها كلّ أنواع الورود وتُظهر كلّ كنوزها الدفينة بالطريقة الأكثر جاذبيّة، وعندها أيضًا لا نكتفي. نحن نعلم أنّها تحتوي على الكثير من الأشياء التي لا نراها: عالم الملائكة والقدّيسين، عالم ممجّد، قصر الله، جبل الربّ الصباؤوت، أورشليم السماويّة، عرش الله والرّب يسوع المسيح، كلّ هذه الكنوز الأزليّة، والثمينة جدًّا، والغامضة وغير المفهومة تختبئ وراء ما نراه. إنّ كلّ ما نراه ليس سوى القشرة الخارجيّة لمملكة أبديّة، ونحو هذه المملكة نُوجّه بصيرة إيماننا. أظهر نفسك يا ربّ، كما حدث يوم ميلادك عندما زار الملائكةُ الرعاةَ؛ فليزدهر مجدك كما تتفتّح الأزهار والأوراق على الأشجار. بقدرتك الكبيرة، حَوِّل العالم المرئي إلى هذا العالم الإلهي الذي لا نراه بعد. فليتحوّل كلّ ما نراه إلى كلّ ما نؤمن به. فمهما كانت الشمس والسماء والغيوم برّاقة، ومهما كانت الأوراق والحقول مُخضرّة، ومهما كانت زغردة العصافير عذبة، نحن على يقين بأنّ الكمال ليس هنا، وبأنّنا لا نريد أن نأخذ الجزء على أنّه الكلّ. هذه الأشياء تنبثق من جوهر الحبّ والخير الذي هو الله نفسه، إلاّ أنّها ليست ملأه. إنّها تتحدّث عن السماء، غير أنّها ليست السماء. إنّها مجرّد أشعّة تائهة وانعكاس ضعيف لصورتها؛ إنّها مجرّد فُتات يتساقط من المائدة.
maronite readings – rosary.team