السبت، ٢٦ أكتوبر : التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة
“لقد خُلِقَ العالمُ على ضوء الكنيسة”، على حدّ قول مسيحيّي العصور الأولى (هرماس). فقد خلقَ الله العالمَ لكي يُشركَ في حياته الإلهيّة، إشراكًا يتمّ “بدعوة” البشر إلى الاجتماع في الرّب يسوع المسيح، وهذه “الدعوة إلى الاجتماع” (ecclesia) هي الكنيسة. إنّ الكنيسة هي غايةُ كلّ شيء… وعليه، فإنّ الأحداث الأليمة نفسها، كسقوط الملائكة، وخطيئة الإنسان، لم يَسمحْ بها الله إلاّ لكونها تشكّل فرصة أو وسيلة لكي “يكَشَفَ عَن شِدَّةِ ساعِدِه” (راجع لو 1: 51)، وعن كلّ مدى الحبّ الذي أرادَ أن يشملَ به العالم: “فكما أنّ إرادةَ الله هي عملٌ وأنّها تُسمّى العالم، كذلك فإنّ قصدُه هو خلاص البشر، ويُسمّى الكنيسة” (القدّيس إقليمنضوس الإسكندريّ). إن تجمُّع شعب الله بدأ عندما هدمت الخطيئة شركةَ البشر مع الله، وشركةَ الناس فيما بينهم. فتَجمُّع الكنيسة هو نوعًا ما ردُّ فعل الله على الفوضى التي أحدثَتها الخطيئة. وإعادة التوحيد هذه تتمُّ سريًّا في داخل جميع الشعوب: “فمَنِ اتَّقاه مِن أَيَّةِ أُمَّةٍ كانت وعَمِلَ البِرَّ كانَ عِندَه مَرضِيًّا” (أع 10: 35). إنّ الإعداد البعيد لجمع شعب الله بدأ مع دعوة إبراهيم الذي وعدَه الله بأنّه سيكون أبًا لأمّةٍ كبيرة (راجع تك 12: 2). وقد بدأ الإعداد المباشر مع اختيار إسرائيل شعبًا لله (راجع خر19: 5)؛ وعلى إسرائيل، بهذا الاختيار، أن يكون علامةَ تجمُّع جميع الأُمم في المستقبل (راجع إش 2: 2). كان على الابن أن يحقِّقَ تصميم أبيه الخلاصيّ في ملءِ الأزمنة؛ وهذا هو داعي “رسالته”… لقد افتتح الرّب يسوع المسيح ملكوت السماوات على الأرض؛ فالكنيسة هي “ملكوت الرّب يسوع المسيح الحاضر حضورًا سريًّا” (المجمع الفاتيكاني الثاني، نور الأمم 3). “إن الكنيسة التي إليها كلّنا مدعوون في المسيح، والتي فيها نحصل على القداسة بنعمة الله، لن تبلغ التمام إلا في المجد السماوي” (نور الأمم 48)، عند عودةِ الرّب يسوع المسيحِ المجيدة… هي تصبو إلى مجيء الملكوت الكامل. وتمام الكنيسة، ومن خلالِها تمام العالم في المجدِ لن يحصلا بغيرِ مِحَنٍ كبيرة. “وإذ ذاك، كما ورد في الآباء القدّيسين، يجتمع عند الآب، في الكنيسة الجامعة، جميع الصدّيقين منذ آدم، “من هابيل البارّ إلى آخر مختار” (نور الأمم 2).
maronite readings – rosary.team