الجمعة، ١٣ ديسمبر : الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن
لقد عاش القديس يوحنا المعمدان منفصلاً عن العالم، وكان “النَّذير لِلرَّبّ” (عد 6: 2) كما كان “عَظيماً أَمامَ الرَّبّ” (لو 1: 15) لقد ترك العالم وجابهه… ودعاه إلى التوبة. “وكانَت تَخرُجُ إِليه بِلادُ اليَهودِيَّةِ كُلُّها وجَميعُ أَهلِ أُورَشَليم” (مر 1: 5)، وكان يجابههم وجهًا لوجه. لكنه كان يخبرهم في تعاليمه عن شخص سيأتي ويحدثهم بطريقة مختلفة للغاية. شخص لا ينفصل عنهم، ولا يقدّم نفسه إليهم ككائن متفوق إنّما كأخ لهم، يشاركهم الطّبيعة البشريّة ذاتها، هو أحد الأخوة الكثيرين، واحدٌ من بين الجموع. وفي الواقع كان بينهم كما جاء على لسان المعمدان نفسه: “وبَينَكم مَن لا تَعرِفونَه” (يو 1: 26) … في النّهاية، بدأ الرّب يسوع حياته العلنيَّة “فأَظهَرَ مَجدَه” (يو 2: 11) من خلال المعجزات. ولكن أين؟ في حفل عرس! وكيف؟ عن طريق تحويل الماء إلى خمر! … قارِن ذلك بما يقول الرّب يسوع عن نفسه: “جاءَ يُوحنَّا لا يَأكُلُ ولا يَشرَب فقالوا: لقَد جُنَّ. جاءَ ابنُ الإنسان يأكُل ويشرَب فَقالوا: هُوَذا رَجُلٌ أَكولٌ شِرِّيبٌ لِلْخَمْرِ صَدِيقٌ للعَشّارين والخاطِئين”. كان بإمكانهم أن يكرهوا يوحنا لكنهم احترموه أما الرّب يسوع فاحتقروه … آه يا ربّي، لقد حصل ذلك لأنك أحببت كثيرًا طبيعتنا البشرية التي خلقتها. إنّك لا تحبنا مثل سائر مخلوقاتك التي هي عمل يديك إنّما تحبّنا ككائنات بشريّة. إنّك تحب كل شيء، لأنك خلقت كل شيء، وتحب البشر فوق كل شيء. كيف يمكن ذلك يا رب؟ ما الذي يميز الإنسان عن المخلوقات الأخرى؟ “ما الإِنْسانُ حَتَّى تَذكُرَه واْبنُ آدَمَ حَتَّى تَفتَقِدَه؟”(مز 8: 5) … لم تأخذ طبيعة الملائكة عندما ظهرت لخلاصنا، ولم تأخذ طبيعة بشريَّة مختلفة أو دورًا أو مهمة ًأكثر من حياة إنسان عادي – لم تكن نذيرًا، ولا كاهنًا ولا لاويًا، ولا راهبًا ولا ناسكًا. لقد تجسدت بالضبط وبالكامل في هذه الطبيعة البشرية التي تحبها جدًا… أخذت هذا الجسد الذي سقط في آدم، مع كل نقاط ضعفنا، ومشاعرنا وانتماءاتنا، شابهتنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة.
maronite readings – rosary.team