الثلاثاء، ١٧ ديسمبر : القدّيس أوغسطينُس
ولد هذا التهامس من تنوّع الآراء التي بيّنها لنا الإنجيلي: “فبَعضُهم يَقول: إِنَّه رَجُلٌ صالِح، وبَعضُهمُ الآخَرُ يَقول: كَلاَّ، بل يُضَلِّلُ الشَّعْب”. وهكذا، إذا تميّز إنسانٌ ما بجدارة استثنائيّة، فهذا هو الحكم الذي سيصدر بحقه: سيقول البعض إنّه رجل صالح؛ بينما يقول البعض الآخر إنّه يضلل الشعب. ولكن يا لها من تعزية للمسيحيّ حين يفكر في أن ما يُقال عنه قد قيل في السابق عن الرّب يسوع المسيح! في الواقع، إذا أعطوا لما يسمّونه “تضليلاً” معنى الخداع، فإنّه أمر أكيد أنّ الرّب يسوع المسيح ليس مضلِّلاً؛ ولكن إذا كان ذلك “التضليل” هو مجرّد إقناع شخص ما بشعور معيّن، علينا أن نرى من أين ننطلق وإلى أين نصل لكي نستطيع تقدير هذا التصرّف. فمَن يقود من الصلاح إلى الشرّ هو مضلِّل سيّئ؛ أمّا مَن يقود من الشرّ إلى الصلاح، فهو مضلِّل صالح، ويحلو في عين الله أن نُدعى وأن نكون في هذا الشأن مضلِّلين من هذا النوع. برأيي، إنّ الشعب هو الذي كان يدعوه رجلاً صالحًا، فيما كان الرأي السلبيّ هو للزعماء المسؤولين عن الشعب وللكهنة، والدليل على ذلك كان أسلوبهم في التعبير حيث لم يقولوا “هو يضلِّلُنا”، بل “هو يضلِّل الشعب”. ولكن لم يتحدَّثْ به أحدٌ جِهارًا خوفًا من اليهود”. بالأخصّ أولئك الذين كانوا يدعونَه رجلاً صالحًا، أكثر من أولئك الذين كانوا يعتَبرونَه مُضلِّلاً؛ كانَ هؤلاء يتكلّمون علنًا، فيما كانَ الآخرون يقولون بصوت خافت: “إنّه رجل صالح”. لاحظوا فساد زعماء الأمّة وخجل الشعب الخاضع لهم. كانت أفكار الشعب أكثر صحّة، لكنّهم لم يتجرّأوا على التعبير عنها، وهذه إحدى خصائص الجماعات.
maronite readings – rosary.team